من مسائل الحج التي يجب فقهها وفهمها قبل القدوم على أداء هذه الفريضة العظيمة ( الركن الخامس من اركان الاسلام ), مسألة حكم الحج بالمال الحرام ! سواء كان المال مغصوبا مسروقا او مأخوذا من عمل الربا ، او محصلا من تجارة في البيوع والعقود المحرمة او غير ذلك .
وفي زماننا حيث لم يعد اكثر الناس يعبأ أجمع ماله من حل او حرمة ، وكثر الغش والبيوع المحرمة ، والعمل في العقود الباطلة ، وأصبح التهافت والتنافس على الدنيا هم كثير من الناس لا يهمهم الا الظهور بمظهر الغني الكاسب القادر المقتدر ( تحت ذريعة لا يوجد بديل ) ، وانتشر الربا انتشار النار في الهشيم وابتلي به الكثير من الناس جهلا او عمدا ، إما آكلا له وإما عاملا في عقوده وتدبيره، أصبح من المهم تسليط الضوء على هذه المسألة حتى يكون القادم على اداء هذه الفريضة على بينة من أمره ، ويعلم تمام العلم حاله في حجه أهو مقبول منه أم مردود وهل يلحقه منه ثواب وفضل ام يسقط به عنه الفرض فقط . واليك اقوال الفقهاء في ذلك :
اختلف الفقهاء في قبول حج من حج بمال حرام :
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن من حج بمال حرام سقط عنه وجوب الحج مع ارتكابه الإثم. وهو مذهب المالكية والشافعية والحنفية.
وذهب الحنابلة إلى أن من حج من مالٍ حرام لم يصح حجه.
فعلى رجحان قول الجمهور يكون الحج صحيحا لمن حج بمال حرام ، ويسقط عنه الفرص ، لكن هنا مسألة وهي : هل يثاب على حجه ام لا ؟
فالله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان طيباً، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام! ومشربه حرام! وغذي بالحرام! فأنى يستجاب لذلك) فكما ان الصدقة لا يثاب عليها من تصدق بها من الحرام فكذلك الحج بمال حرام لا ثواب فيه ، فيبعد ان ينال منه ما في الحج من فضائل مغفرة الذنوب والرحمة والاجر والثواب.
فلا ينال من حجه على قول الجمهور الا صحة حجه وأن فريضة الحج قد سقطت عنه . اما اجرها وثوابها وفضلها فلا يناله . اما على قول الحنابلة فلا يصح حجه اصلا ولا يقبل منه جملة وتفصيلا ، فضلا عن ان يثاب عليها أو يؤجر..
قال النووي في المجموع:( إذا حج بمال حرام أو راكبا دابة مغصوبة أثم وصح حجه وأجزأه عندنا, وبه قال أبو حنيفة ومالك , وبه قال أكثر الفقهاء. وقال أحمد: لا يجزئه ودليلنا أن الحج أفعال مخصوصة والتحريم لمعنى خارج عنها.) انتهى.
فكل مال حرام لا يجوز في الأصل الحج به، بل يأثم جامعه لعلة حرمته، فكيف تجوز به الصدقة او الحج او غيره ذلك، ويشمل ذلك الكسب الحرام وكل من جمع ماله من الرشوة ، او من السرقة والغصب ، او من العقود المحرمة ، او من عمل الربا في البنوك الربوية ، ويشمل ذلك ما كسبه من تقاعده لانه مرتبط بعقد عمل الربا فيلحقه حكم التحريم فحتى لو تاب يبقى عليه رد المال الى اصحابه والاستحلال منهم فإن تعذر رده لاصحابه لأي سبب صرفه في وجوه الخير العامة على الجمعيات الخيرية وفي بناء الطرقات ونحو ذلك ، فلا تحل له منه نفقة على نفسه او عياله أو بيته فضلا على ان يحل له انفاقه على مسائل العبادات كالسفر الى الحج وغيره ، فما بني على باطل فهو باطل ، والحكيم من يؤسس طاعاته وحياته على تقوى من الله ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين)
وللتوسع في هذه المسألة انظر الفتاوى المرفقة- اضغط على العناوين التالية :
حكم المال المكتسب من التقاعد في البنوك الربوية
حكم المال المدخر من العمل في الربا ومال التقاعد المدخر منه وكيف يتصرف فيه من ادخره
حكم الحج من المال المكتسب من بيع الخمر
حكم الحج بالمال المكتسب من أغذية مغشوشة
حكم الحج من المال المكتسب من البنوك الربوية